يمتاز سماحة الإمام الخوئي (قدس سره) بمنهج علمي متميز واسلوب خاص به في البحث والتدريس، ذلك انه كان يطرح في أبحاثه الفقهية والأصولية العليا موضوعا، ويجمع كل ما قيل من الأدلة حوله، ثم يناقشها دليلا دليلا، وما أن يوشك الطالب على الوصول إلى قناعة خاصة، حتى يعود الإمام فيقيم الادلة القطعية المتقنة على قوة بعض من تلك الادلة وقدرتها على الإستنباط، فيخرج بالنتيجة ألتي يرتضيها، وقد سلك معه الطالب مسالك بعيدة الغور في الإستدلال والبحث، كما هو شأنه في تأليفاته القيمة، بما يجد المطالع فيها من تسلسل للأفكار وبيان جميل مع الدقة في التحقيق والبحث، ولذا فقد عرف بعالم الأصول والمجدّد.
ولا تقتصر أبحاثه وتحقيقاته على هذين الحقلين في الأصول والفقه، فهو الفارس المجلّي في علم الرجال او (الجرح والتعديل) وقد شيّد صرحا علميا قويما لهذا العلم ومدخليته في استنباط المسائل الإسلامية، جمعها في كتابه الشهير ‘‘ معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة ‘‘، كما بذل جهدا كبيرا في التفسير وعلوم القرآن وضعها في مقدمة تفسيره ‘‘ البيان في تفسير القرآن ‘‘، وغيرها من الحقول العلمية.
ولهذا فقد جمع من حوله طيلة فترة تدريسه اعدادا كبيرة من طلبة العلوم الدينية والأساتذة اللامعين، ينتمون إلى بلدان العالم المختلفة، فكان هناك طلاب من سوريا ولبنان والاحساء والقطيف والبحرين والكويت وايران والباكستان والهند وافغانستان ودول شرق آسيا وافريقيا مضافا إلى الطلبة العراقيين، ولم يكتف سماحة الإمام بتغذيتهم علميا وثقافيا، ورعايتهم روحيا، بل امتد ذلك ليشمل تغطية نفقاتهم المعيشية من الحقوق الشرعية ألتي كانت تصل اليه، وهكذا فقد أسس سماحته مدرسة فكرية خاصة به ذات معالم واضحة في علوم الفقه والتفسير والفلسفة الإسلامية والبلاغة وأصول الفقه والحديث.